أسامة الحمداني – صحفي عراقي
صيفٌ سياسي لاهب اجتاح البرلمان العراقي بعد القرار المفاجئ الّذي اتخذه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر
بالانسحاب من العمليةِ السياسيةِ واستقالة جميع نوابهِ الـ 73 أدت إلى تغيير قواعد اللعبة السياسية،
ووصف الصدر خطوته ” إنها تضحية مني من أجل الوطن والشعب لتخليصهم من المصير المجهول”.
خطوةُ انسحاب الصدر من البرلمانِ تقع بين احتمالات عديدة أما قرار انفعالي نتيجة عجزه فك الانسداد السياسي وتشكيل حكومة أغلبية بعيداً عن حُلفاء طهران أو ثمة ضغوط وتهديدات إيرانية اجبرته على الانسحاب من العملية بإكملها.

اغتيالُ فلاح الباوي القيادي في التيار الصدري في منطقة الحُسينية ببغداد وتهديداتُ حاكم الزاملي بتشريع قانون يُجرم عملية التبادل التجاري مع تركيا وإيران بسبب قطع المياه عن العراق، ترجح كفة الاحتمال الثاني وتؤكد اشتعال الصراع بين الصدر وحكومة ولاية الفقيه.
لم يكتفِ الصدر باستقالة نوابه بل أغلق جميع المؤسسات التابعة له باستثناء 6 منها، الصدر يُدرك خطورة المرحلة المقبلة وحجم التغييرات التي ستحدث في الشرق الأوسط ولا سيما العراق لذلك قرر الانسحاب إلى الوراء للاستعداد إلى التغيير الذي سيطرأ على العملية السياسية
مصير الكاظمي
بقاء رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي بمنصبهِ يصبُ في مصلحةِ الإطار التنسيقي حالياً، لأن خروج أي مظاهرات يفتعلها الصدر أو أي جهة أخرى من الخريجين أو العاطلين ستلقي اللوم على حكومة الكاظمي فقط التي لا علاقة للإطار بها،
قوى الإطار التنسيقي لا تُعير أهمية لتشكيل الحكومة بعد أن أبعدت خطر أغلبية الصدر عن مرماها، إذ إنَّ الإطار مُنشغل في ترميم بيته المُتهالك جراء تسونامي احتجاجات تشرين، والصدر إذا أراد الالتفاف على الإطار عليه أن يطلب من الكاظمي تقديم استقالته لكي يُلزم الإطار الإسراع في تشكيل الحكومة وتحميلهم مسؤولية الأوضاع المُزرية التي يمر بها العراق، لكنَّ ذلك غير متوقع حدوثه لأن الصدر ينوي اعتزال السياسة في الوقت الحاضر والتوجه نحو تحويل التيار الصدري إلى جماعة ضغط دينية وشعبية أسوة بمرجعيةِ النجف.

رئيسُ الوزراء القادم
شخصية رئيس الوزراء تحددها المرحلة وفقاً لمعطياتها، ومواصفات الرئيس الذي سيرشحه الإطار
ضَعيف حزبياً
مُتزن شخصياً
مُتَمكن إدارياً
وهذه المواصفات توجد في شخصيةِ الأمينِ العامِ لتيارِ الفراتين “محمد شياع السوداني” ، إذ يحظى السوداني بدعمٍ كبير من زعيم دولة القانون نوري المالكي الّذي اعتذر عن تقديم ترشحه لرئاسة الوزراء بسبب حالته الصحية،
إضافة إلى الدعم الإيراني الكبير المُقدم لشخص السوداني،

يرى بعض قادة الإطار أن شخصية السوداني هي المُنقذ الحقيقي لتحسين صورتهم السيئة بنظر الشعب العراقي لنجاحه في جميع المناصب التي تسنمها،
إذ شغل السوداني مناصب رفيعة في الدولة، فهو نائب في البرلمان الحالي فاز ممثلاً للدائرة السابعة في بغداد، وشغل حقيبة وزير العمل والشؤون الإجتماعية في حكومة حيدر العبادي (2014 – 2018) كما شغل منصب وزير حقوق الإنسان في الحكومة الثانية للمالكي (2010 – 2014)، وتقلد أيضاً منصب محافظ ميسان للفترة من 2009 إلى 2010.
لكن يبقى خيار اختيار السوداني هو الورقة المخفية التي سيقدمها الإطار في حال واجه ضغوطات محلية ودولية في الاسراع بتشكيل الحكومة التي لا ينوى الإطار تشكيلها في فصل الصيف.
برلمان الأمنيات
خيارُ حل البرلمان والذهاب إلى انتخاباتٍ مُبكرة صار مستبعداً بعد انسحاب الكُتلة الصدرية، إذ إن البرلمان الحالي بحلته الجديدة يُمثل حالة من الطمأنينة لجميعِ القوى السياسة الشيعية والسنية والمدنية
لا سيما قوى الإطار الشيعي بعد التحاق دكة الاحتياط ذات الغالبية الإطارية البديلة لنواب التيار الصدري المنسحبين.
ملامحُ العملية السياسية في العراق ستتضح أكثر في الـ 16 عشر مِن تموز المقبل بعد زيارة بايدن إلى السعودية لمناقشة توقيع عقد “الاتفاقية الأمنية للدفاع المشترك بين إسرائيل وأميركا ودول الخليج الستة بالإضافة إلى مصر والإردن والعراق لمواجهة التهديدات الإيرانية، فمخرجات الاجتماع ستدفع طهران إلى التصعيدِ السياسي في حال اتفقت الأطراف المجتمعة وبالتالي ستحرك أوراقها في العراق وتدفع الحلفاء إلى ممارسة الضغط السياسي والعسكري ضد الحلف الجديد.
Discussion about this post