
الكاتب: أزهر جرجيس
مع تكرار القصف التركي لشمال العراق أجدني متفقًا تمامًا مع مقولة “على أيام صدام كان العراق بلدًا محترمًا تهابه البلدان والدول”. هذا صحيح جدًا، فالعراق على أيام “أبو الليثين” كان ليثًا يزأر من بغداد، فيرتجف لزئيره العالم. كان قائدنا بطلًا وجيشنا الباسل يحتل المرتبة الأولى في سلّم الجيوش العالمية الأقوى، متفوقًا بذلك على الجيش الأحمر والكوماندوز وجيش التحرير الصيني.
الحياة المدنية هي الأخرى كانت عظيمة إلى حد أن المواطن العراقي أينما يذهب، ترفع له القبعة وتفسح له منصات التقدير من بين كل الشعوب، بمن فيهم الألمان والطليان والسوفيت. كان العراقي مدلّلًا؛ يلمّ حقيبته في الصيف لزيارة باريس وبرلين وشيكاغو دون الحاجة إلى ڤيزا، إنما يحتاج الڤيزا مواطنو البلدان التعيسة والضعيفة و “البدو”. العراقي يرفس أبواب الحدود ويدخل سائرًا على السجادة الحمراء من سلم الطائرة حتى الفندق. ثم أن هذا العراقي لا يُهان، لا يُضرب، لا يذوَّب في التيزاب، ولا يتعذب على أبواب دائرة الجوازات من أجل الحصول جواز سفر.
يسافر المواطن العراقي بيسر ولا يتلفت في ساحة حافظ القاضي حين يركب الحافلة هاربًا صوب عمّان. كان يذهب شامخًا شموخ النخل، ليجد الأشقاء بانتظاره. ينثرون الورد والچوكليت على رأسه، ويغادر الساحة الهاشمية بزهوٍ دون الحاجة لبيع العدس والسجائر كالمتسول، ثم يجد نفسه حائرًا في أي مطعم “كلاس” يبذّر دنانيره الكثيرة! أما أولئك اللاهثون خلف وفود ال UN، فقد كانوا أشخاصًا أشقياء لا يقدرون نعمة العيش في “عراق الخير”.
أجل كنا في عهد بطل العروبة بخير ونعمة وستر وعافية، لم نخض حروبًا عبثية خاسرة ولم نطحن النخالة لصنع الخبز. لم نضطر يومًا لهدم سقوف المنازل وبيع الشيلمان في سوق الخردة. لم تسرق حكومة صدام المجيدة خيرنا ولم يمد أبناؤه المهذبون أيديهم إلى قوت الشعب وعرضه، كما لم تتاجر السيدة الأولى بقطع الآثار في السوق العالمية السوداء.
كنا سعداء حد التخمة، حتى أن رفيقًا في السجن ملّ طعم الكيك والشربت فأكل القمامة ومات.
لعن الله من يكره أيام صدام، ولعن الله من يحبها وفي قلبه ذرة كراهية تجاهها، ولعن من يحبها وفي قلبه يحبها وعلى صفحته الشخصية صديق يكرهها.. قولوا آمين.

Discussion about this post